هل هناك مخاوف من سيطرة بارزاني على سلطة إقليم كردستان؟؟

عكست نتائج انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، بحصوله على 45 % من المقاعد، وهي نتيجة غير مسبوقة، بفارق كبير عن غريمه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني.

وأبدى مراقبون وسياسيون مخاوفهم من استحواذ حزب بارزاني على السلطة في الإقليم الذي يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة خلفتها السنوات القليلة الماضية، وعلاوة على ذلك فهناك أزمات سياسية باتت تحلق في الأفق بعد إعلان هذه النتائج، بالتزامن مع شغور رئاسة الإقليم، وهو المنصب الذي يبدو أنه سيظل شاغرا للفترة المقبلة، بعد انتهاء فترة ولاية بارزاني وتنحيه منذ نوفمبر 2017.

ومن المقرر أن يعقد برلمان الإقليم جلسته الافتتاحية في نوفمبر المقبل، بعد الانتخابات التي جرت في الثلاثين من سبتمبر الماضي، وشابها الكثير من الجدل والاتهامات المتبادلة بين الأحزاب السياسية الكبرى بالتزوير.

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان أعلنت، بعد منتصف ليل السبت الماضي، النتائج النهائية، بحصول الحزب الديمقراطي على 45 مقعدا، مقابل 21 مقعدا للاتحاد، و12 مقعدا لحركة التغيير، و8 مقاعد لحراك الجيل الجديد، و7 مقاعد للجماعة الإسلامية، و5 مقاعد لقائمة “نحو الإصلاح”.

ويتكون برلمان إقليم كردستان العراق من 111 مقعدا، تخصص 11 منها للكوتا، ويفوز بها مرشحو الأقليات، كالمسيحيين، والتركمان، والأرمن، بينما تتنافس الأحزاب السياسية على 100 مقعد.

تقول النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني ريواز فائق “بهذه النتائج فقدنا التوازن السياسي في الإقليم، وهناك سببان رئيسان لذلك:

  • أن الديمقراطي لديه خبرة غير طبيعية في مسألة تزوير الانتخابات،
  • والسبب الثاني أن كل الأحزاب المنشقة والجديدة تظهر فقط في مناطق نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني”.

وتضيف فائق “الاتحاد الوطني حزب منفتح على مبدأ التعددية الحزبية، لكن الحزب الديمقراطي كان من البداية يسعى للاستحواذ وللقضاء على هذا المبدأ”، متابعة “لا يوجد في أربيل حزب سياسي منشق أو جديد، ولا يوجد مؤسسات إعلامية تابعة لأحزاب أخرى سوى الديمقراطي”.

وحول توقيت انعقاد البرلمان، قالت فائق “بعد 3 أيام يغلق باب الطعون على النتائج المعلنة، وسيخصص نحو 4 أيام أخرى سيتم النظر فيها وإعلان النتائج النهائية والتصديق عليها من المحكمة المختصة”، متابعة “سيكون أمام البرلمان بعدها مهلة قانونية للانعقاد تقدر بـ10 أيام فقط”.

وأوضحت فائق “خلال فترة العشرة أيام، إما أن يبادر رئيس حكومة الإقليم بطلب انعقاد الجلسة الأولى، أو أن تنعقد الجلسة بالفعل في اليوم الأخير بعد الظهر”، متابعة “بعد انتهاء مرحلة الطعون، لا أعتقد أن النتائج سوف تتغير، ولا أعتقد أيضا أن يطرأ أي تغيير على قائمة الفائزين”.

وعن قوة الديمقراطي الكردستاني في هذه المرحلة مقابل الانشقاقات في صفوف الاتحاد الوطني، أكدت ريواز “الاتحاد الوطني لم ينهر إطلاقا، انشق منه نوشيروان مصطفى وأسس حركة التغيير وفازوا في الدورة الماضية بـ24 مقعدا، وتبقى للاتحاد فقط 18 مقعدا، يعني في الحقيقة كان للاتحاد 42 مقعدا، مقابل 38 مقعدا للديمقراطي”.

وشددت النائبة التي حلّت ثالثا في ترتيب الأصوات التي حصل عليها الاتحاد الوطني “الديمقراطي الكردستاني لا يمكنه تحمل انشقاقات في صفوفه مثلما تحملنا نحن، انشق عنا نوشيروان، وكاك برهم صالح، والجيل الجديد”، موضحة أن “الحزب الذي سيبقى على الساحة في إقليم كردستان في المستقبل ليس الحزب القوي وفقا لمفهوم الديمقراطي، بل الحزب المرن، الذي ينسجم مع الأوضاع السياسية الجديدة”.

وفي عام 2009 انشقت قيادات من الاتحاد الوطني الكردستاني على رأسهم نائب الأمين العام للحزب نوشيروان مصطفى، ليشكل “كوران” أو حركة التغيير، وفي الانتخابات المحلية التي جرت أواخر عام 2013 فازت الحركة بـ24 مقعدا، وهو ما جعلها تقود أصوات معارضة فعلية أمام الحزبين التاريخيين في الإقليم: الديمقراطي، والاتحاد الوطني.

أما برهم صالح، وهو من مواليد السليمانية، والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أنه انشق في أكتوبر 2017، بعد أحداث الاستفتاء الذي أجراه الإقليم ليشكّل “التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة”، وخاض الانتخابات التشريعية العراقية في 12 مايو الماضي، لكنه لم يحقق نتائج تذكر.

وعاد صالح لصفوف الاتحاد الوطني الكردستاني الشهر الماضي، للترشح لرئاسة العراق، وهو المنصب الذي فاز به بعد انتخابه في البرلمان الاتحادي ببغداد في 2 أكتوبر الجاري، بحصوله على أغلبية الأصوات (219 صوتا) بعد منافسة مع مرشح الديمقراطي فؤاد حسين الذي حصل على 22 صوتا فقط.

ولفتت ريواز فائق إلى أن خسارة حركة التغيير لأكثر من نصف المقاعد التي فازت بها في الدورتين السابقتين “بسبب أنه لم يكن لديها برامج سياسية واضحة بل مجموعة من الادعاءات أكبر من حجمها الحقيقي”، موضحة “الناخبون وقيادات الحركة صدموا بالواقع، واكتشفوا أن ما ينادون به ليس واقعيا”.

وحول تشكيل حكومة الإقليم المقبلة، أكدت فائق “بالتأكيد سيكون رئيس الحكومة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهذا عُرف قانوني، فالكتلة التي تحصل على الأغلبية يكون من حقها هذا المنصب”، متابعة “تبقى الوزارات، هناك وزارات سيادية، وهناك وزارات خدمية، وفي الحكومة السابقة جرى تقسيمها بحسب عدد المقاعد البرلمانية”.

وأضافت فائق “أعتقد أنه سيتم التوافق بين الديمقراطي والاتحاد الوطني حول تشكيل حكومة أغلبية، وسيتم التوافق حول توزيع المناصب”، موضحة “لا يوجد خلاف بين الحزبين في الملفات الرئيسية كالحد من البطالة، وتطوير الخدمات في الإقليم بشكل عام”.

وشددت فائق “لا أعتقد أنه سيجري طرح خيار إلغاء منصب رئيس الإقليم، لأن هذا الإقليم له بعد قومي، ونحن في الاتحاد الوطني نريد أن يكون لهذا الإقليم خصوصية تتمثل في وجود رئيس له”، متابعة “أعتقد أن هذا المنصب سيظل معلقا في الفترة المقبلة، ولا أعتقد أنه سيتم التوافق عليه بسهولة”.

وأضافت النائبة عن الاتحاد الوطني “لاحظنا تركيز الحزب الديمقراطي خلال الحملة الانتخابية على موضوع إقرار دستور للإقليم، والموافقة عليه من ثم طرحه للاستفتاء الشعبي، ومسألة إلغاء أو تعديل منصب رئيس الإقليم سوف تُحل بعد إقرار هذا الدستور، وهذه مسألة سوف تستغرق وقتا طويلا”، متابعة “قانون اللجنة التأسيسية المكونة من 21 عضوا، والتي جرى المصادقة عليها لوضع دستور للإقليم، ينص على أن الموافقة على مواد الدستور تكون بالإجماع، وتحقيق هذا الإجماع صعب جدا”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر