رسائل سلامة .. قراءة في إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا أمام مجلس الأمن

خاص المختار العربي

جلسة إحاطة جديدة أمام مجلس الأمني الدولي  للمبعوث الأممي إلى ليبيا  السيد “غسان سلامة ” صباح اليوم الاثنين ، اغلب ما ورد بها بدا متماهيا على نحو كبير  مع  البيان المشترك الذى صدر  عن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وايطاليا وفرنسا ومصر والامارات قبل نحو عشرة ايام  ، الامر الذى يمكن  قراءته على انه تاكيدا على الموقف الدولى الحالى من الأزمة الليبية و  الذى خضع لما  قد نسميه عملية اعادة تأطير ما بعد 4 ابريل (بداية اندلاع القتال بين اطراف النزاع) ساهمت فيها وغذتها عدة عوامل ربما من ابرزها  تباين مواقف الدول الاعضاء تجاه التطورات على الأرض بالاضافة الى ضبابية السياسة الأمريكية ازاء الازمة و يمكن تلخيص ابرز واهم رسائل “سلامة” فى مجلس الامن اليوم وفق خمس مقدمات  : 

 اولها انه لم يعد هناك  افضلية لطرف علي حساب الاخر واصبح الجميع يندرج تحت مصطلح “اطراف النزاع” وان كلا الطرفين الرئيسيين ارتكبا العديد من الانتهاكات ولم يلتزما بالقانون الدولى والانسانى وقواعد الاشتباك وان الافلات من العقاب لن يدم طويلا .

ثانيها  ان لا حل عسكرى للازمة و لا بديل عن وقف الحرب والعودة الى العملية السياسية ، بيد ان ساعة الحزم والجدّ التى سيتوقف فيها القتال بقرار أممى مُلزم لم تحن بعد   ما دفع سلامة الي مطالبة مجلس الامن بشكل صريح و مباشر باتخاذ قرار حازم وملزم لايقاف الحرب قبل ان تتوسع وتستحيل الى حرب اهلية شاملة محذرا من مغبة التلكأ فى ايقاف الاعمال العدائية وعواقبه الوخيمة على ليبيا وعلى المنطقة ككل . 

ثالثها :  ضرورة وقف التدخلات الاقليمية التى تغذى الصراع وتمد أطراف النزاع بمختلف انواع الاسلحة لافتا ان ليبيا اليوم  اصبحت ارضا لتجربب الاسلحة !  فضلا عن الدعم اللوجستى والاستخباراتى والعناصر الاجنبية المقاتلة مؤكدا على اهمية  التزام هذه الاطراف بقرارات مجلس الامن التى تحظر توريد الاسلحة وقد قالها “سلامة” صراحة هذه المرة ” الليبيون يتقاتلون الآن نيابة عن دول اخرى” فى اعترافِ صريح من المبعوث الأممى ان ما يجرى على الارض الليبية هو حرب بالوكالة ! الامر الذى يستدعى  عقد مؤتمر دولى موسع بحضور الاطراف الفاعلة الداخلية والاقليمية الداعمة لها والدول الكبرى لاخذ تعهدات تلزمهم بذلك وفقا لما اورده المبعوث الأممى.

رابعها  الحاجة الماسة الى كسر  الجمود الاستراتيجى واحد ابرز العوامل التى ستساعد على ذلك هو انتهاء الاجسام الحالية و تشكيل حكومة وحدة وطنية  تحظى بشرعية ودعم شعبى موسع وتكن قادرة على معالجة تحديات مرحلة حرجة غاية فى الصعوبة والخطورة وتفكيك مشهد متشابك بالغ التعقيد و تحقيق الهدف الاستراتيجى الرئيس بعيد المدى بالانتقال الى مرحلة دستورية دائمة ومؤسسات سيادية ثابتة.

خامسها ان  مجلس النواب قد يلعب دورا مهما فى تشكيل وشرعنة هذه الحكومة شرط ان يلملم شتاته ويتجاوز خلافاته وانقساماته  ويكون قادرا على الاضطلاع بدوره و اتخاذ قرارا موحد ولعل القاهرة تبذل جهدا دبلوماسيا محل ترحيب أممى فى هذا الصدد كما اتضح من اشارة” سلامة” الي اجتماع النواب برعاية مصرية  وترحيبه به مع عدم تحبيذه لاقامة ما أطلق عليه  “برلمان موازِ” فى طرابلس

 وفى الختام وبلغة واقعية بعيدة عن الأمانى  ومنطق متجرد خالِ من  العواطف نقول بأننا أمام  حقيقة مؤداها ان تحقيق ما تفضل به المبعوث الأممى في ظل الوضع الراهن  هو امرا بعيد المنال  يتطلب جهدا جبارا وخطوات حثيثة على عدة مستويات وقبل كل ذلك ارادة حقيقية خارجية وداخلية 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر