ليبيا ..هل هو اسبوع الحسم

تدخل الازمة الليبية شهرها التاسع على التوالى منذ اندلاع القتال على تخوم العاصمة طرابلس فى الرابع من ابريل من العام المنصرم , والتى اضحت احد اسخن الأزمات واكثرها تعقيدا في منطقة الشرق الاوسط خاصة مع اتساع رقعة القتال لتشمل عدة مدن ومناطق فى وسط البلاد وغربها ليقابلها ارتفاع فى عدد الضحايا من المدنيين والنازحين وتدمير المنشآت والمرافق, وفى ظل التقارير الدولية التى تتحدث عن استعانة طرفى النزاع بالمقاتلين الاجانب الأمر الذى تم نفيه بشكل مستمر من كلا الطرفين سواء القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر او قوات حكومة الوفاق الوطنى برئاسة السيد فايز السراج ومع احتدام الصراع المسلح الذى تغذيه قوى اقليمية فيما يشبه الحرب بالوكالة حسب وصف المبعوث الاممى الى ليبيا د.غسان سلامة فى تصريح سابق ووصول مؤشر الخطر الى درجة غير مسبوقة على النحو الذى بات معه الحديث عن استنساخ السيناريو السورى فى هذا الموقع الاستراتيجى الحساس غرب المتوسط امرا غير مستبعد على الاطلاق , شهدت الازمة الليبية مطلع الاسبوع الجارى حراكا سياسيا دبلوماسيا علي المستويين الاقليمى والدولى لم تشهده منذ بدء الازمة .

رحلات مكوكية وتفاهمات ثنائية ورباعية

وزير الخارجية الفرنسى جون ايف لودريان يطير الى تونس للقاء الرئيس التونسي “قيس السعيد” للتباحث حول جملة من الملفات المشتركة ابرزها الملف الليبي ثم يدلى بتصريح عقب اللقاء يؤكد فيه “ان التصعيد الحالى فى ليبيا يهدد الاستقرار فى كامل المنطقة من المغرب العربى الى الساحل ” ومن تونس الى القاهرة يطير لودريان مجددا حيث شارك فى الاجتماع الخماسى الذى دعت اليه مصر للتباحث حول الازمة الليبية بمشاركة وزراء خارجية كلا من فرنسا وايطاليا واليونان وقبرص ليعود ويؤكد فى تصريح صحفى خلال المؤتمر الصحفى الذى تلى الاجتماع ” انه لا يوجد حل عسكرى لهذه الازمة وان الحل لا يمكن ان يكون الا سياسيا وان هناك من يسعى الى بلقنة ليبيا ” فى اشارة ربما ذات مغزى الى حروب دول البلقان مع الدولة العثمانية مطلع القرن العشرين, وقد اعقب الاجتماع الخماسى بيان مشترك لم توقع عليه ايطاليا تناول الاتفاقية التى وقعها رئيس الحكومة الليبية مع الرئيس التركى رجب طيب اردوغان واصفا اياها بالباطلة قانونيا التى لا يترتب عليها اى اثر قانونى . من جهته عبر وزير الخارجية المصرى سامح عن دعم بلاده لعملية برلين السياسية والوصول الى حل شامل للازمة الليبية من جميع جوانبها . وبدا واضحا من خلال هذا الاجتماع وما تمخض عنه من بيان ان ثمة تقارب اوربى مصرى فيما يخص الملف الليبى ليس بمعزل عن التطورات الاخيرة ولاسيما الاتفاقية التركية الليبية و الاصطدام بحقيقة فرضتها المعطيات علي الارض مؤداها ان الوضع الحالى قد يسمح باستمرار الصراع الى سنوات ولكنه لا يسمح بحسمه لصالح طرف وان استمرار الصراع وتوسعه قد يؤدى الى نتائج كارثية تهدد امن المنطقة برمتها.

ومن القاهرة الى اسطنبول وفى سياق غير منفصل حيث اللقاء الذى جمع الرئيسين الروسى فلاديمير بوتين والتركى رجب طيب اردوغان قبل يومين واعقبه بيان ثنائى حمل مطالبة للاطراف اللييبة بوقف دائم للعمليات القتالية يبدأ من الساعة 00:00 من يوم 12 يناير القادم الموافق الاحد الامر الذى لاقى استجابة سريعة من جانب المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى الذى اصدر بيان رسمى يؤكد فيه حرصه على العودة الى العملية السياسية وايقاف الحرب , فيما ابدت القوات المسلحة تحفظا علي المبادرة الا ان ردها لم يحمل رفضا صريحا لها

الرئيس ترامب يتحدث بعد صمت

يرى مراقبون ان موقف الولايات المتحدة الامريكية تجاه الملف الليبى ضبابى وغير حاسم وان الادراة الامريكية لا تولى اهتماما كبير للملف  ولاتعتبره من الاولويات وان الدبلوماسية الامريكية لا تبذل الكثير من الجهد فى هذا الصدد باستثناء بعض التحركات للسفير الامريكى فى ليبيا “ريتشارد نورلاند” وبعض البيانات والتصريحات المقتضبة , الا ان الثلاثاء الماضى كان مختلفا مع افراد الرئيس الامريكى “دونالد ترامب” مساحة للحديث عن الملف فى مؤتمره الصحفى واشارته الى انه قد تحدث مع الرئيس التركى والمستشارة الالمانية “انجيلا مريكل” وتبادلا وجهات النظر حول سبل اعادة الاستقرار الى ليبيا وسيتحدث لاحقا فى ذات السياق مع الرئيس الروسى وهذا ربما يفسر التحركات الدولية والاقليمية الحثيثة التى اشرنا اليها سلفا فى التقرير ويعطى مؤشرا بأن الولايات المتحدة ربما باتت اكثرا انخراطا في المشهد الليبي خاصة مع بروز اسم المخضرمة “فيكتوريا كوتس ” مستشارة الامن القومى لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا وما  تناثر من معلومات لم يتسنى لنا التأكد من صحتها حول لقاءين منفصلين الاول جمعها  بالمشير حفتر قبل يومين فى العاصمة الايطالية “روما” وسبقه لقاء بالسيد السراج فى العاصمة البلجيكية “بروكسيل”.

هل هو اسبوع الحسم ؟

وبناء على ما تقدم يتضح لنا اننا قد نكون امام تفاهم دولى اقليمى بواجهة روسية تركية  تدفعه وتقف خلفه الولايات المتحدة الامريكية بين دول تتضارب مصالحها من ناحية ومن ناحية آخرى تدعم اطراف متضادة فى الداخل الليبى مما قد يلقى بظلاله الايجابية على المشهد ككل ويسهم في التأسيس لمرحلة جديدة واعادة احياء للعملية السياسية انطلاقا من مؤتمر برلين المرتقب هذا الشهر فلكل تأُثيره ووسائله التى قد يضغط بها علي حلفاءه فى الداخل لاسكات صوت المدافع والجلوس على طاولة المفاوضات من جديد , ويبقي السؤال هل يكون الاسبوع القادم هو اسبوع الحسم وايقاف اطلاق النار والعودة الى العملية السياسية ام يستمر القتال وتتحول ليبيا الى سوريا جديدة ؟

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر