رحيل السلطان قابوس رجل السلام

منذ ان بدات مسيرة النهضة الحديثة فى سلطنة عمان قبل اكثر من خمسة عقود عام 1970 بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد رحمه الله والذى وافته المنية امس الجمعة العاشر من  يناير عن عمر ناهز 79 عاما  ، حرصت السلطنة بقيادته على سياسات ومواقف متوازنة وعقلانية تجاه مختلف القضايا والازمات العربية والخليجية والاقليمية والدولية ، وارست مبدأ الحوار في حل مختلف القضايا الشائكة كما لعبت السلطنة دورا ايجابيا بناء فى حلحلة الكثير من القضايا ولا سيما القضية الفلسطينية فى اطار الشرعية الدولية والنظرة الواقعية المتزنة التى تأخذ في عين الاعتبار المعطيات والظروف المحيطة 

حرص السلطان الراحل والملقب برجل السلام على ان تبقى بلاده بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية والخلافات الايدلوجية وحالة الاستقطاب والاصطفاف السياسى المستعرة فى المنطقة والتزم بسياسة النأي بالنفس مفضلا ان تبقي بلاده على الحياد وان لا تتدخل فى شؤون الدول الشقيقة والصديقة الا كواسطة خير لرأب الصدع والمساهمة فى ارساء السلام 

وللسلطان قابوس مواقف لا تنسى مع اشقائه العرب نذكر منها تبرعه لمصر بربع مرتبات موظفى الدولة ابان حرب اكتوبر 1973 , كما لعب دورا ايجابيا لتقريب وجهات النظر بين الاطراف اليمنية وحرص على تاكيد وحدة سوريا وسلامة اراضيها واستضاف هيئة صياغة الدستور الليبية وقدم لها كل الدعم اللازم كما احتضنت بلاده لقاء مصالحة وتفاهم جمع بين رئيس مجلس النواب الليبى عقيلة صالح قويدر ورئيس المؤتمر الوطنى السابق نورى ابو سهمين

وعلى الصعيد الداخلى قاد السلطان الراحل بلاده نحو التقدم والازدهار واستطاع ان يحقق طفرة فى عديد المجالات والقطاعات كالصحة والتعليم ومشاريع التنمية وقد ساهم فى تحقيق ذلك مناخ السلام والاستقرار منذ انتهاء ازمة ظفار في جنوب البلاد عام 1975 التى امتدت لعشر سنوات واستطاع انهائها والمحافظة على وحدة بلاده 

ومثلما كان السلطان الراحل حريصا على هذا المناخ فى بلاده في حياته كان ايضا حريصا ان يستمر الوضع بالكيفية ذاتها بعد مماته فقد سارت الامور بسلاسة تامة وفقا للمادة السادسة من الدستور والتى تنص على ان تختار العائلة الحاكمة وريثا للعرش بعد ان يصبح العرش شاغرا وبالفعل دعا مجلس الدفاع مجلس العائلة الحاكمة للانعقاد وبما ان السلطان قابوس لم يكن لديه اولاد يخلفونه بيد ان لديه ابناء عمومة يشغلون مناصب سيادية عليا فى البلاد تم الرجوع الى وصيته وفتحها بمعية مجلس الدفاع بعد ان اوكل اليه الامر من قبل مجلس العائلة الحاكمة وبحضور المسؤولين المعنيين وبموجبها تم تنصيب السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطانا للبلاد 

ونعى السلطان قابوس رؤساء وملوك وامراء من مختلف انحاء العالم معبرين عن حزنهم الشديد لفقدان قائد حكيم ودعامة من دعامات الاستقرار فى الشرق الأوسط كما اعلنت عدد من الدول الحداد لثلاثة ايام على روح الفقيد ومنها مصر والامارات وقطر والسعودية

مسيرة طويلة وحافلة لرجل السلام السلطان قابوس بن سعيد قد يستخلص منها الكثير من الدروس والعبر لعل ابرزها ان السلام هو الطريق الحقيقي نحو الاستقرار وان الحوار هو المدخل الرئيسى لحل الخلافات وان الدول تبنى على المؤسسات وتحكمها الاطر الدستورية والقانونية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر