المؤتمر الإسلامي في ماليزيا وما بعده

جاء انعقاد المؤتمر الإسلامي الذي اختتمت أعماله منذ أيام قلائل في العاصمة الماليزية جاكرتا برعاية رئيس وزراءها مهاتير محمد وحضور رؤساء وشخصيات مرموقة من عدة دول اسلامية مؤثرة ؛ كحدث ملفت في العالم الإسلامي يجب الوقوف عنده والنظر اليه بتعمق يتجاوز الاجتماعات واللقاءات التي أصبح يغلب على أعمالها الطابع البروتوكولي والشكل الروتيني للمقررات، وفي وقت يمر فيه العالم الإسلامي بظروف أقل ما يقال عنها أنها اسثنائية إن لم تكن مصيرية للبعض

 

فالإطار الذي درجت عليه اللقاءات الدورية الإسلامية  تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، التي تأسست عام 1969 بعد جريمة حرق بيت المقدس تحت اسم منظمة المؤتمر الإسلامي؛ أصابه ما أصاب دول المنظمة من تشتت ووهن بفعل موجات من عدم الإستقرار وتقلبات شهدتها عدد من الدول الأعضاء فيه. وعلى الرغم من استمرار المنظمة في القيام بأعمالها في مثل هذه الظروف الدقيقة والصعبة، إلا أن الأحداث التي شهدتها دول مثل اليمن وسوريا وليبيا بالتحديد قد ولدّت، وبشكل متسارع تحديات جديدة لمنهجية المنظمة التي أسست بالأصل نصرة للقضية المركزية – قضية فلسطين – ولكن قضايا مثل الهجرة أو التهجير الكبير الذي شهدته سوريا وقضايا مثل معاناة مسلمي الروهينجا في بورما ومسلمي الآيجور في الصين وأقليات اسلامية في دول متعددة أخرى شكلت بعداً جديداً وتحدياً خاصآً

 

وبينما ساد بعض النقاش في وسائل الإعلام المختلفة حول حضور أو غياب بعض الدول الاسلامية عن هذا المؤتمر، إلا أنه يجب علينا أن نطرح السؤال الحتمي هنا : هل هناك حاجة حقيقية في ظل التطورات الراهنة التي يشهدها العالم الإسلامي إلى وضع تصورات وبلورة رؤية اسلامية مشتركة – وإن لم تكن موحدة بشكل تام وهذا أمر مفهوم – حول القضايا الملحة التي تقدم الحديث عنها؟ الإجابة بكل تأكيد ستكون واحدة من أي طرف اسلامي. إن اشكالية منهجية العمل الإسلامي المشترك هي بالتأكيد قضية مزمنة و مركبة، تحتاج الكثير من النقاشات واللقاءات لتقييم عناصرها ، وتحديد نقاط الخلاف وهو أمر مطلوب لكسر الجمود الذي اعترى آليات هذا التعاون الغائب

 

يبقى المواطن”المسلم“ الذي تجاوز اليوم عداده في العالم قرابة المليار ونصف، هو حجر الأساس ومركز الإهتمام المفترض من قبل قادة العالم الإسلامي. هذا المواطن الذي أصابه ما أصاب محيطه  وعالمه من توتر واضطراب وحيرة، وكثير من مواطني هذا العالم أصبحوا ينظرون إلى عوالم أخرى أقل توتراً وخلافاً، يسترشدون على مضض بثقافات قد لا تناسب بشكل عام خصوصية ثقافات الدول الاسلامية التي قد تختلف في تفاصيلها الحضارية عن بعضها البعض ولكنها تشترك في محدداتها العامة من زمان ومكان. هذا المواطن ينتظر في هذا الوقت، أكثر من أي وقت مضى من زعمائه الكثير، ومن اجتماعات قادته وقمم حكوماته ما هو أكثر هذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير بصحيفة المختار العربي

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر